فصل جديد من دراما النفوذ الأمريكي يكشف عن حرب مصالح مكتومة خرجت للعلن، لتُبرز هشاشة العلاقة بين المال والسلطة في أوج تجلياتها. تتصاعد حدة المواجهة بين دونالد ترامب وإيلون ماسك، في ما يشبه معركة كسر عظم حقيقية تهدد بإعادة تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة.
تحالف غير تقليدي بين رئيس يميني وملياردير تكنولوجي، تحول إلى خصومة علنية تتخللها اتهامات خطيرة وتهديدات سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى احتمالات جادة لتفجير الخريطة الحزبية بأكملها. ففي الوقت الذي كانت فيه صداقة الرجلين تُعد أحد أعمدة صعود اليمين المحافظ الحديث، جاءت لحظة الانهيار درامية ومفاجئة.
ترامب من المكتب البيضاوي يُلمّح إلى أن العلاقة مع ماسك “قد لا تستمر”، وماسك يرد بسلسلة تغريدات لاذعة يتهم فيها ترامب بـ”نكران الجميل”، ويهدد بتأسيس حزب جديد يمثل الغالبية الأمريكية “المنسية”، تلك الكتلة الصامتة التي لم تجد بعد تمثيلًا حقيقيًا في الحزبين التقليديين.
لم يقتصر التصعيد على السياسة فقط، بل اتخذ طابعًا شخصيًا واستراتيجيًا في آن معًا. ماسك نشر مزاعم عن ارتباط ترامب بملفات جيفري إبستين، رغم عدم تقديم أدلة ملموسة، وهو ما استُغل سياسياً على نطاق واسع. بالمقابل، رد ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” مهددًا بإلغاء عقود بمليارات الدولارات لشركات ماسك، تشمل “تسلا” و”سبيس إكس”، في قطاعات حيوية تمتد من الفضاء إلى الطاقة.
التهديدات المتبادلة بين الرجلين تتخذ أشكالًا متعددة: ماسك يُلوّح بتأسيس حزب جديد ويمول معارضين جمهوريين داخل الكونغرس، بينما ترامب يستعد لاستخدام نفوذه السياسي والاقتصادي لشلّ شركات ماسك عبر مراجعة عقودها وإثارة القضايا القانونية. في هذا السياق، قد تتحول منصات ماسك الرقمية إلى أدوات ضغط سياسية، بينما قد يستخدم ترامب سلطاته لإعاقة مشاريع ماسك الحيوية.
هذه المعركة ليست صراعا بين شخصين فحسب، إنها حرب نفوذ بين قطبين يمثلان قمة القوة الاقتصادية والسياسية في أمريكا، وتحمل مخاطر انقسام عميق داخل اليمين الأمريكي قد يعيد تشكيل الخريطة الحزبية ويُدخل البلاد في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
يكشف الصراع بين ترامب وماسك عن خسائر متبادلة على المستويين السياسي والاقتصادي؛ إذ تهدد المواجهة بعرقلة عقود استراتيجية بمليارات الدولارات لشركات ماسك، ما قد يضعف نفوذه في السوق العالمي. وفي المقابل، يواجه ترامب تحديات سياسية داخل حزبه، حيث تظهر هشاشة مشروعه التشريعي في ظل انقسامات داخلية.
هذا التوتر يعكس تحولات عميقة في المشهد السياسي الأمريكي، ويُنبئ بصراعات مستقبلية على النفوذ والسلطة، حيث قد تتفكك تحالفات السلطة التقليدية وتبرز تصدعات جديدة تحمل معها تحديات كبرى في السياسة والاقتصاد معًا.